البحرية الروسية 🇷🇺

يشهد الأسطول البحري الروسي حالياً فترة انتقالية، يوازن فيها بين طموحات بسط النفوذ العالمي وواقع أسطول متقادم، وقيود الميزانية، وخسائر قتالية فادحة. وتهدف استراتيجيته البحرية، التي أعيدت صياغتها في عقيدة بحرية جديدة تمتد حتى عام 2050، إلى إعادة ترسيخ روسيا كقوة بحرية عالمية رائدة. وتولي هذه الاستراتيجية الأولوية للردع النووي الاستراتيجي، والدفاع الساحلي، ومواجهة القوة البحرية للولايات المتحدة وحلف الناتو.

تعكس تشكيلة الأسطول انقساماً استراتيجياً. فما زالت قوة الغواصات، ولا سيما غواصات الصواريخ الباليستية التي تعمل بالطاقة النووية (SSBN) وغواصات الصواريخ الموجهة (SSGN)، هي المكون الأكثر موثوقية وتقدماً من الناحية التكنولوجية في البحرية. وتشكل هذه الأصول العمود الفقري للردع النووي البحري الروسي وقدراتها على الضربات التقليدية بعيدة المدى، وهي مهمة اكتسبت أهمية متزايدة. وعلى النقيض من ذلك، يتألف الأسطول السطحي إلى حد كبير من طرادات ومدمرات متقادمة من الحقبة السوفيتية، تتناقص موثوقيتها. وقد ظلت حاملة الطائرات الوحيدة لديها غارقة في عمليات تجديد مطولة وانتكاسات تشغيلية. وقد أدت الخسائر الأخيرة في البحر الأسود، التي ألحقتها الحرب غير المتكافئة الأوكرانية، إلى تآكل كبير في قدرات أسطول البحر الأسود وأجبرت على إعادة تموضع استراتيجي للأصول بعيداً عن القرم.

من حيث القدرات، فإن "تزويد الأسطول بصواريخ كاليبر"، أي تجهيز حتى السفن الأصغر مثل الكورفيتات بصواريخ كروز كاليبر بعيدة المدى، يسمح لروسيا بإبراز القوة وتهديد الأهداف من معاقلها البحرية. ويعد هذا التركيز على الضربات الدقيقة بعيدة المدى أداة رئيسية للردع التقليدي والنووي غير الاستراتيجي. كما أن تطوير الأسلحة فرط صوتية مثل صاروخ زيركون يمثل أولوية قصوى، ويهدف إلى توفير تفوق نوعي. ويعد المدى العملياتي لروسيا الأكثر قوة في القطب الشمالي، حيث تحتفظ بأكبر أسطول كاسحات جليد في العالم، وقد وسعت وجودها في البحر الأبيض المتوسط.

أعلنت موسكو عن ضخ مالي هائل في صناعة بناء السفن لديها، بهدف تحقيق اكتفاء ذاتي أكبر وبناء مئات السفن الجديدة بحلول منتصف القرن. وينصب التركيز على المدى القريب على إنتاج غواصات من طراز بوري-أ (Borei-A) وياسين-إم (Yasen-M)، بالإضافة إلى سفن قتالية سطحية أصغر ومسلحة بالصواريخ. ومع ذلك، يواجه قطاع بناء السفن تحديات بسبب مرافق قديمة وتأخيرات كبيرة، مما يثير الشكوك حول جدوى خططها الطموحة طويلة الأجل. وبينما تطمح البحرية الروسية إلى قدرة عالمية في المياه الزرقاء، فمن المرجح أن يظل مداها العملياتي الفعال في السنوات القادمة مركزاً في مناطقها البحرية القريبة والمجال تحت الماء.